لا شك أن التحول الرقمي في القطاع المالي يلعب دورا كبيرا في مجال الخدمات المالية، متمثلاً في تطوير واستخدام الأنظمة المالية الذكية، مع القدرة على التنبؤ بالتدفقات النقدية والكشف عن الاحتيال والتزوير وما شابه ذلك مع تقييم أهلية القروض.
كذلك تحسين تقديرات التصنيف الائتماني بالإضافة إلى المعاملات المصرفية المخصصة، واكتشاف الأخطاء في البيانات بناء على الأنماط المتوقعة لها وهي أن يصل حجم سوق برمجيات الذكاء الاصطناعي العالمي في القطاع المالي لما يقارب من 22.6 مليار دولار في عام 2025 وهذا يعني أن معدل النمو السنوي يُقدر بحوالي 23.37% ما بين الأعوام 2020 – 2025 .
أبرز مؤسسات الخدمات المالية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي:
قامت مؤخرا الكثير من مؤسسات الخدمات المالية والمصرفية الدولية في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى في أوروبا وآسيا بتبني الخوارزميات والأنظمة الذكية، وذلك بدعم مباشر من المديرين التنفيذيين لتلك المؤسسات من أجل الاستفادة من الأنظمة الذكية وزيادة الأرباح وتقليل النفقات وكذلك زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2025.
ومن أبرز مؤسسات الخدمات المالية هي المصارف الاستثمارية ومؤسسات البيع بالتجزئة، وذلك للحاجة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالمخاطر المحتملة والمساهمة في تقليل حدوثها، ويشمل ذلك الحفاظ على العملاء خلال التحول الرقمي المالي من المعاملات الورقية إلى وسائل المعاملات الرقمية المختلفة.
وكذلك تقييم أهلية القروض وغيرها من المخاطر المحتملة وحسب الدراسات فإن الخسائر الناتجة عن تقييم أهلية القروض قد انخفضت بنسبة 23% سنويا في الولايات المتحدة بعد اعتماد العديد من المصارف الرقمية وشركات القروض على الذكاء الاصطناعي في التقييم.
كما قامت العديد من المؤسسات والمصارف المالية باستخدام نظام المحادثات التفاعلية مع العملاء لتخفيض العبء عن مراكز خدمة العملاء الهاتفية ولتقليل التكلفة المادية، وتقوم كذلك بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي بتحليل الأرصدة وجداول المدفوعات والإيرادات والمصروفات والاستثمارات وأنشطة الحسابات المالية المختلفة الأخرى، من أجل إعداد خطة ذكية لتحسين الوضع المالي للعملاء، وكذلك إبداء الاقتراحات لهم لتحقيق المزيد من الأرباح المالية وهذا ليس كل شيء فإن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تساهم كذلك في التحقق من صحة وجودة البيانات والتقارير المالية، قبل اتخاذ القرارات الاستراتيجية والعملية بخصوصها، وذلك يساهم في تقليل نسبة الخطأ البشري وتوجيه جهود الأفراد للتركيز على المهام الأخرى البشرية، وحسب بعض التقارير المعتمدة كان هناك نسبة خفض للتكلفة لمثل تلك المهام الآلية تبلغ حوالي 70%.
دور الذكاء الاصطناعي في كشف الاحتيال الإلكتروني:
وقد ازدادت نسبة التحايل والتلاعب من خلال البطاقات الائتمانية مع رواج التجارة الإلكترونية والتعاملات الرقمية عبر الإنترنت خلال السنوات القليلة السابقة، وبالتالي فقد ساهم الذكاء الاصطناعي في تحليل أنماط استخدام العملاء للبطاقات والمواقع والعادات الشرائية.
ومن ثم بناء آلية أمنية في المؤسسات المالية تساعدها في أن تستشعر المعاملات غير الاعتيادية وتقديم التقارير الذكية بخصوصها من أجل اتخاذ القرارات المناسبة وبذات الطريقة، ويمكن كذلك اكتشاف العمليات غير المشروعة الأخرى مثل غسيل الأموال والإبلاغ عنها آليا في حينها لمتخذي القرار.
والجدير بالذكر أيضا أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يساهم في تقليل جهد العمل أثناء التحقيقات اليدوية لتلك الحالات بنسبة تصل إلى 20%. ولأن معايير الأمان تُعد من المتطلبات الأساسية في قطاع الخدمات المالية الرقمية للحفاظ على معلومات الحسابات والمعاملات المالية، فمع ظهور تقنيات العملات المشفرة أصبحت هناك ثقة أكثر في تحقيق المزيد من معايير الأمان في مجال الخدمات والمعاملات المالية.
لقد قام الذكاء الاصطناعي بنجاح أهداف التحول الرقمي من خلال التعامل الذكي مع الأموال والأصول المصرفية وقد عملت المملكة العربية السعودية على إيجاد الحلول وخلق الفرص والمبادرات التي من شأنها تسهيل الخدمات المالية رقميا، كما حصلت 21 من شركات الفنتك في المملكة على التصريح وهي إحدى مبادرات القطاع المالي ضمن رؤية 2030، وبلغ عدد شركات المدفوعات المرخص لها في قطاع التقنية المالية في المملكة ما يقارب من 11 شركة حتى الآن.
وكذلك، فقد أعلن البنك المركزي السعودي “ساما” مؤخرا عن الترخيص لثلاث شركات تقنية مالية جديدة في مجال المدفوعات الإلكترونية.
وتوجد العديد من الأنظمة المالية الذكية في المملكة مثل نظام “سداد” للمدفوعات، حيث يمكن تسديد الفواتير والمبالغ المستحقة إلكترونياً مما يساهم في توفير وقت وجهد العملاء ويخفف من الضغط على المصارف، ونظام “سريع” للتحويلات المالية السريعة ونظام “مدى” الذي يعمل على ربط حامل البطاقة مباشرة بالحساب المصرفي لخدمات الصراف الآلي ونقاط البيع وغيرها من الخدمات وجميع تلك المبادرات الناجحة وضعت المملكة العربية السعودية في صدارة الدول تقنياً في قطاع الخدمات المالية وغيرها من القطاعات الأخرى التي تساهم في تحقيق الاقتصاد المستدام ورفع جودة الحياة في المملكة.