عالم الاقتصاد مليء بالفرص والمخاطر. فمن جهة، يمكن للمستثمرين والمقرضين والمقترضين الاستفادة من التنوع والابتكار والكفاءة في الأسواق المالية، ومن جهة أخرى، قد تؤدي التقلبات والانهيارات والأزمات إلى إحداث خسائر فادحة وتداعيات اقتصادية وخيمة. لذلك، يجب على جميع من يتعاملون مع الأموال أن يكونوا على دراية بهذه المخاطر، وكيفية التعامل معها.

في هذا المقال، سنقدم نظرة عامة عن هذه المخاطر، وأبرز أنواعها، والأساليب المستخدمة لقياسها والتحكم فيها، وكيفية إدارة المخاطر المالية بفاعلية.

اقرأ أيضًا: قروض للنساء المتزوجات: كيف تحصلين كمرأة متزوجة على تمويل بدون كفيل من الرائدة

مفهوم إدارة المخاطر المالية في الشركات والمنشآت

إدارة المخاطر المالية

هي عملية تحديد وتقييم وتخفيف ومراقبة المخاطر التي تواجه المنشآت أو الشركات في الأسواق المالية. أنواع المخاطر المالية قد تشمل الخسائر الناتجة عن تغيرات في أسعار الأصول أو معدلات الفائدة أو أسعار الصرف أو مستويات التضخم أو العجز في الائتمان أو الاحتيال المالي أو التجاوزات القانونية، ولذلك تهدف أي عملية ادارة مخاطر مالية إلى حماية رأس المال وزيادة القيمة من خلال اتخاذ قرارات استثمارية وتمويلية مستنيرة ومتوازنة.

تعتمد هذه الآلية على مجموعة من الأدوات والتقنيات والمعايير والممارسات المالية والمحاسبية لتحليل وتصنيف وتقليل وتحويل هذه المخاطر المالية. 

يعدُّ هذا المجال مجالاً هامًّا ومعقدًا، ويتطلب معرفة وخبرة ومهارة لإدارة هذه المخاطر بأعلى مستويات الكفاءة.

اقرأ أيضًا: أفضل مشروع ناجح للنساء: فرص رائعة للمرأة الراغبة في بدء مشروع ناجح

أسباب المخاطر المالية

أسباب المخاطر المالية

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى وجود مخاطر مالية، ومنها:

  • ارتفاع نسبة الديون: عندما تقترض أي مؤسسة أو منشأة أموالاً من البنوك أو الجهات الأخرى بفائدة محددة، فإنَّها تكون عرضة للعجز عن سداد الديون والفوائد في حال حدثت أزمة اقتصادية أو انخفاض في الإيرادات أو زيادة في التكاليف.
  • ارتفاع معدلات الفائدة: عندما ترتفع معدلات الفائدة في السوق، فإنَّ ذلك يزيد من تكلفة الاقتراض للمؤسسات والأفراد، ويقلل من قيمة الأصول ذات الدخل الثابت مثل السندات والشهادات. كما أنَّ ارتفاع معدلات الفائدة يؤثر سلبًا في العرض والطلب، والاستهلاك والاستثمار، ويقلل من النمو الاقتصادي والأرباح المتوقعة. وبالتالي، تتعرض المؤسسات والمنشآت لمخاطر الخسارة بسبب انخفاض قيمة محافظها المالية أو عدم قدرة عملائها على سداد الديون أو الفوائد.
  • ارتفاع معدلات التضخم: عندما ترتفع معدلات التضخم في الاقتصاد، فإنَّ ذلك سيعني انخفاض القوة الشرائية للعملة، وزيادة تكاليف الإنتاج والمعيشة. كما أنَّ هذا الارتفاع سيؤدي إلى إحداث تقلبات في أسعار السلع والخدمات، مما يصعب التنبؤ بالمستقبل المالي. وبالتالي، ستتعرض المنشآت والمؤسسات لخسائر بسبب انخفاض قيمة الأموال المودعة أو المستثمرة أو المقترضة.
  • تغيُّر السياسات الاقتصادية: عندما تغير الجهات التنظيمية سياساتها الاقتصادية التي تؤثر في الأسواق المالية، مثل السياسة النقدية أو السياسة الضريبية، فإنَّ ذلك سيؤدي إلى تغيير الظروف والتوقعات المالية للمؤسسات والأفراد، بالإضافة إلى تأثر العلاقات والتبادلات التجارية والاستثمارات الأجنبية، فينخفض العرض والطلب، ويقل الدخل والربحية.
  • تقلبات الأسواق المالية: عندما تتأثر الأسواق المالية بالعوامل الداخلية أو الخارجية، مثل الأحداث الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات الصحية أو الابتكارات التكنولوجية أو التوجهات الاجتماعية أو سلوكيات المستهلكين؛ فإنَّ ذلك يؤدي إلى تغيير في أسعار وقيم الأصول المالية مثل الأسهم والسندات والعملات وغيرها؛ بالإضافة إلى تأثر مستويات الثقة والمعنويات والمزاج بين المستثمرين والمقرضين والمقترضين؛ ونتيجة لكل هذا ستتعرض المنشآت والمؤسسات لخسائر تنتج عن أي انخفاض أو ارتفاع مفاجئ يحدث في أسعار وقيم هذه الأصول.
  • انعدام الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية: عندما تفتقر المنشآت والمؤسسات المالية إلى آليات ومعايير وممارسات جيدة للرقابة والإشراف على نشاطاتها ومعاملاتها ومخاطرها، فإنَّها تكون مكشوفة أمام الممارسات الاحتيالية أو التجاوزات المالية مثل الاختلاس أو الاستيلاء أو الاختراق.
  • الأخطاء التنظيمية والإدارية في القطاع المصرفي: عندما تفشل الجهات التنظيمية والإدارية في القطاع المصرفي في وضع وتطبيق ومراقبة وتقييم القوانين والسياسات والإجراءات والمعايير والمؤشرات والتقارير والمراجعات والتدقيقات لضمان سلامة وكفاءة وفعالية ومسؤولية وشمولية القطاع المصرفي، يتعرض هذا القطاع بأكمله لخسائر مالية كبيرة تتكبد معها المؤسسات والمنشآت خسائر مالية باهظة التكلفة تؤثر في سلامتها وصحتها المالية.

اقرأ أيضًا: أفضل مشروع صغير: فرص رائعة للبدء بمشروع صغير ناجح

أهمية إدارة المخاطر المالية

أهمية إدارة المخاطر المالية

  • تحديد المخاطر: تساعد إدارة المخاطر المنشآت والشركات على تحديد المخاطر المحتملة التي قد تواجهها في الأسواق المالية، وتحليل مصادرها وأسبابها وتأثيرها واحتمالية حدوثها، مما يمكِّنها من اتخاذ القرارات المناسبة لتجنب أو تقليل هذه المخاطر.
  • حماية الأصول: تحمي إدارة المخاطر المالية أصول المنشآت والشركات من الخسائر التي قد تنتج عن التغيرات في معدلات الفائدة أو أسعار الصرف أو مستويات التضخم أو العجز في الائتمان أو التعرض للتجاوزات أو الاحتيال؛ مما يمكِّنها من الحفاظ على قيمتها وسمعتها وموقعها في السوق.
  • تعزيز مكانة المنشأة: تساعد إدارة المخاطر المنشآت والشركات على زيادة قيمتها من خلال اتخاذ قرارات استثمارية وتمويلية مستنيرة ومتوازنة، تستند إلى تحليل المخاطر والعوائد المتوقعة، مما يجعلها أكثر قدرة على تحقيق أرباح أعلى، وتوزيع مكافآت أكبر للمساهمين والموظفين والعملاء.
  • تعزيز القدرة على التكيف: من خلال إدارة المخاطر المالية، يمكن للمنشآت والشركات أن تتمتع بمرونة وقدرة أعلى على التكيف مع التغيرات والتحديات في البيئة المالية، فتزداد قدرتها على استغلال الفرص ومواجهة المخاطر بشكل أفضل وأسرع وأكثر كفاءة.

اقرأ أيضًا: مشروع متجر إلكتروني: الخطوات الأساسية لإنشاء متجر إلكتروني ناجح

إستراتيجيات التخفيف من المخاطر المالية في المنشآت والمؤسسات

إستراتيجيات التخفيف من المخاطر المالية

هناك العديد من الإستراتيجيات التي يمكن أن تتبعها أي منشأة لتخفيف المخاطر المالية، ومنها:

  • التنويع: أي توزيع الاستثمارات على مجموعة متنوعة من الأصول والقطاعات والأسواق، بحيث لا تتأثر قيمة المحفظة المالية للمنشأة بشكل كبير بتقلبات أو خسائر أصل معين.
  • التحوط: هو استخدام عقود المشتقات المالية، مثل العقود الآجلة والخيارات والمبادلات، لتأمين سعر أو معدل معين للأصول أو الالتزامات المالية، بحيث يتم تقليل التأثير السلبي للتغيرات في السوق.
  • التحليل: هو استخدام النماذج والأدوات الرياضية والإحصائية والحاسوبية لقياس وتوقع ومحاكاة واختبار السيناريوهات المختلفة للمخاطر المالية، وتحديد مستوى التحمل والمخاطرة المناسب.
  • التطوير: أي وضع وتنفيذ إستراتيجيات وسياسات وإجراءات ومعايير ومؤشرات وتقارير ومراجعات وتدقيقات وتدريبات لإدارة المخاطر المالية في المؤسسة أو المنشأة بشكل فعال ومستمر.
  • الامتثال: يتعيَّن على أي منشأة الالتزام بالقوانين واللوائح والمعايير والممارسات الجيدة المتعلقة بإدارة المخاطر المالية، والتعاون مع الجهات التنظيمية والإشرافية والرقابية.

اقرأ أيضًا: انواع المشاريع الصغيرة: دليل شامل للأعمال الصغيرة والمتوسطة

الخطوات الرئيسة لإدارة المخاطر المالية

تشمل عملية إدارة أي مخاطر مالية سلسلة من الإجراءات التي تضمن تقليل تأثير هذه المخاطر على الأعمال والاستثمارات. إليك أهمها:

  • تحديد الأهداف

هذه هي الخطوة الأولى والأساسية في عملية إدارة هذه المخاطر. يجب على المنشأة تحديد أهدافها الإستراتيجية والتشغيلية والمالية، وكذلك مستوى التسامح مع المخاطر. يمكن أن تكون الأهداف محددة وقابلة للقياس وواقعية ومنسقة مع رؤية ورسالة المنشأة. على سبيل المثال، إذا كانت المنشأة تهدف إلى تحقيق نمو عالٍ ومستدام في السوق، فقد تكون مستعدة لتحمل مخاطر أعلى من منشأة أخرى تهدف إلى الحفاظ على استقرارها وسيولتها.

  • تحديد المخاطر

أي تحديد المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على تحقيق أهداف المنشأة، وتحليل مصادرها وأسبابها وتأثيراتها واحتمالية حدوثها. يمكن تصنيف المخاطر حسب مصدرها (داخلي أو خارجي)، وطبيعتها (مالية أو غير مالية)، وتأثيرها (إيجابي أو سلبي)، وترددها (منخفض أو مرتفع)، وقابليتها للتنبؤ (منخفضة أو عالية). على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تستثمر في الأسواق الناشئة، فقد تواجه مخاطر مرتبطة بالتقلبات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية في تلك البلدان.

يمكن استخدام أدوات مختلفة لتحديد المخاطر، مثل تحليل السيناريوهات، وتحليل الحساسية، وتحليل الشبكات، والتحليل الرباعي SWOT Analysis.

  • تقييم المخاطر

هنا يجب على المنشأة أن تقيِّم هذه المخاطر من حيث احتمال حدوثها وتأثيرها على الأهداف. على سبيل المثال، إذا كانت المنشأة تواجه مخاطر عالية مثل انهيار السوق أو فشل المشروع أو رفع معدلات الفائدة، فقد تحتاج إلى تجنب أو تقليل أو تحويل هذه المخاطر بشكل فوري وحاسم. يجب على المنشأة تحديد مستوى المخاطر المقبول والمرغوب فيه والممكن.

يمكن استخدام أساليب كمية أو نوعية أو مختلطة لتقييم المخاطر، مثل المصفوفات، والمنحنيات، والمؤشرات، والنماذج.

  • وضع إستراتيجية لإدارة المخاطر

أي اختيار الإستراتيجية المناسبة للتعامل مع هذه المخاطر. يمكن للمنشأة مثلاً، اتخاذ أحد القرارات الأربعة التالية:

  • تجنُّب المخاطرة: أي التخلي عن النشاط أو الفرصة التي تنطوي عليها هذه المخاطرة.
  • التخفيف من المخاطرة: اتخاذ إجراءات لتقليل احتمالية حدوث المخاطرة أو التخفيف من تأثيرها.
  • نقل المخاطرة: أي تحويل جزء من المسؤولية عن المخاطرة – أو كاملها – إلى طرف آخر، مثل التأمين أو العقود أو الشراكات.
  • قبول المخاطرة: الاستمرار في النشاط أو الفرصة رغم وجود المخاطرة، مع الاستعداد لمواجهة النتائج.

تساعد هذه الخطوة على تحديد الأدوات والتقنيات والموارد والمسؤوليات المطلوبة لتنفيذ الإستراتيجية. على سبيل المثال، إذا كانت المنشأة تريد تقليل مخاطر التغيرات في أسعار الصرف، فقد تستخدم العقود الآجلة لتأمين سعر معين للعملة.

  • تنفيذ الإستراتيجية

هنا يتم تنفيذ الإستراتيجية المختارة بما يتوافق مع السياسات والإجراءات والمعايير والممارسات الجيدة المتعلقة بإدارة المخاطر المالية. هذه الخطوة تساعد على تحقيق الأهداف المالية والإستراتيجية والتشغيلية. على سبيل المثال، إذا كانت المنشأة تستخدم العقود الآجلة للتحوط من مخاطر التغيرات في أسعار السلع، فقد تحتاج إلى إبرام وتنفيذ وتسوية هذه العقود مع الجهات المعنية.

  • مراقبة المخاطر والأداء

أي مراقبة ومتابعة أداء الاستراتيجية المتبعة لمعالجة المخاطر، وتقييم فاعليتها وكفاءتها، وإجراء التعديلات والتحسينات اللازمة. يجب على المنشأة جمع وتحليل البيانات والمعلومات المتعلقة بالمخاطر والأداء، واستخدام مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والتقارير والمراجعات، ومقارنة النتائج الفعلية مع الأهداف المحددة. على سبيل المثال، إذا كانت المنشأة تستخدم المؤشرات الرئيسة للأداء لقياس ومراقبة مستوى المخاطر والعوائد في محفظتها، فقد تحتاج إلى جمع وتحليل وتقديم البيانات والتقارير المالية بشكل دوري ومنتظم.

  • تحسين الإستراتيجية (إن دعت الحاجة)

 بناء على المراقبة والتقييم والتعلم من التجارب والدروس المستفادة، يجب على المنشأة تحسين الإستراتيجية المتبعة لمعالجة المخاطر المالية عبر تعزيز نقاط القوة، ومعالجة نقاط الضعف والتهديدات، والاستفادة من التعلم والابتكار.

اقرأ أيضًا: خطة عمل مشروع: خطوات وأدوات بناء مشروع ناجح

ما هو الدور الذي تلعبه الرائدة في تخفيف المخاطر المالية عن كاهل المنشآت؟

منذ تأسيسها في عام 2016، أصبحت الرائدة شركة التمويل الرئيسة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية؛ ذلك أنَّها تمكن الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من النمو وتحقيق تطلعاتهم التجارية من خلال توفير السيولة النقدية وحلول مالية ملائمة تنعكس إيجابًا على أعمالهم، بمنتجات وحلول مالية تتوافق مع ضوابط الشريعة الإسلامية.

أنت بصفتك صاحب منشأة أو مشروع ريادي، يمكنك اختيار الحل التمويلي الأنسب من بين مجموعة من الحلول لتمويل مشروعك التجاري، وبطريقة السداد التي تلائمك بأفضل شكل. تتميز الرائدة للتمويل بالسرعة والمرونة العالية في الدراسة الائتمانية، وفي طريقة سداد التمويل؛ مما يضمن لك تجربة تمويل رائعة.

اقرأ أيضًا: برنامج كفالة: ما هو، وكيف تستفيد منه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟

في الختام

تهتم إدارة المخاطر المالية بتطبيق مجموعة من المهارات والأدوات والتقنيات التي تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق النجاح والاستدامة في عمل المنشآت والمؤسسات على اختلاف أحجامها، بما يضمن تحقيق الأهداف الإستراتيجية لأصحاب المنشآت، وسير عملياتها اليومية بكل سلاسة، وتحقيق الربحية المرجوة من ذلك. ومن خلال خدمات التمويل التي تقدمها الرائدة، تبرز وتتميز بصفتها أفضل جهة من جهات تمويل الشركات والمنشآت في المملكة العربية السعودية.

وأنت بصفتك صاحب مشروع أو منشأة، يمكنك الحصول على تمويل يلبي تطلعاتك بأفضل طريقة ممكنة. فماذا تنتظر؟ اكتشف كيف يمكن للرائدة مساعدتك؛ قدِّم طلبك الآن.